الأمم المتحدة: انتهاكات تاريخية وعوائق بيروقراطية تحول دون تمكين الشعوب الأصلية

خلال الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان

الأمم المتحدة: انتهاكات تاريخية وعوائق بيروقراطية تحول دون تمكين الشعوب الأصلية
مجلس حقوق الإنسان الأممي - أرشيف

في خطوة اعتُبرت محورية لتعزيز حقوق الشعوب الأصلية، أكدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن العقبات البيروقراطية والتمييز الهيكلي لا تزال تحول دون تمتع الشعوب الأصلية بحقوقها كاملة، مطالبة الدول الأعضاء بإصلاحات جذرية في سياساتها وممارساتها القانونية والاقتصادية والثقافية.

جاء ذلك في تقرير المفوضية حول حلقة النقاش الخاصة بحقوق الشعوب الأصلية، المقدم إلى الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة حتى 11 يوليو المقبل، واطلع «جسور بوست» على نسخة منه.

وأشار التقرير إلى أن الاجتماعات المنعقدة في جنيف خلال يونيو ويوليو 2024، شهدت مشاركات رفيعة من خبراء أمميين وممثلين عن الشعوب الأصلية والحكومات، حيث تم تسليط الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه هذه الفئات، في مقدمتها التمييز الممنهج، وتهميش الهويات الثقافية، والحرمان من الأراضي والموارد الطبيعية.

وأكدت نائبة المفوض السامي، إيزابيل راندز تيري، أن جذور الانتهاكات التي تطال الشعوب الأصلية تمتد إلى مظالم تاريخية، لا تزال تبعاتها حاضرة اليوم، داعية إلى تبني نهج حقوقي شامل يعترف بالسيادة الثقافية والهوية الذاتية لهذه الشعوب، ويضمن كرامتها في مواجهة سياسات الإقصاء.

وبحسب التقرير، فإن انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية تتفاقم بفعل السياسات التنموية التي تُنفذ دون استشارة أو إشراك فعلي للشعوب الأصلية، ما يؤدي إلى إخلاء مجتمعات بأكملها قسريًا، أو تدمير مصادر رزقها التقليدية، خاصة في المناطق الريفية والغابات التي ترتبط ارتباطا وثيقا بهويتهم.

وأشار التقرير إلى الحاجة الماسة لإشراك هذه الفئات في اتخاذ القرار، عبر آليات تشاركية حقيقية تعزز من تمثيلهم وتكفل لهم الحماية القانونية الكاملة، محذرًا من استمرار تطبيق قوانين أو تنفيذ مشاريع كبرى دون حوار مسبق مع الشعوب الأصلية، معتبرًا ذلك انتهاكا صريحا لمبدأ تقرير المصير الذي يشكل حجر الأساس في القانون الدولي.

ووثق التقرير تجارب مؤسسية في دول مثل كندا وكولومبيا، حيث تم اعتماد أطر قانونية جديدة تعزز من الاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية، وتدمجهم في العملية السياسية، وتراعي تقاليدهم المجتمعية الخاصة، بما يشمل حقهم في إدارة أراضيهم، والحفاظ على لغاتهم، وتعليم أبنائهم ضمن منظومات تراعي ثقافاتهم.

وشدد عدد من المتحدثين خلال الحلقة على ضرورة إدراج اللغات الأصلية ضمن آليات التواصل الرسمية، وتوفير الترجمة الفورية في جلسات الأمم المتحدة، باعتبار اللغة أداة مركزية لحماية الهوية الثقافية وضمان فعالية المشاركة، إلى جانب تعزيز وجود النساء من الشعوب الأصلية في المحافل الدولية.

وحذرت المفوضية من فجوة متزايدة بين الالتزامات الدولية والممارسات الفعلية، مشيرة إلى أن التقدم لا يزال بطيئًا وغير متكافئ بين الدول، حيث لا تزال التشريعات الوطنية في كثير من البلدان غير متوائمة مع إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية الصادر في 2007.

وأكد التقرير أن المجتمعات الأصلية تتحمل وطأة التحديات البيئية مثل التغير المناخي والتصحر، رغم أنها الأقل مسؤولية عن هذه الأزمات، وغالبًا ما تكون الأكثر تضررًا بسبب فقدان الموارد الطبيعية والضغط على الأراضي. وأوصى بتبني نموذج «العدالة البيئية» الذي يربط بين حفظ الموارد الطبيعية واحترام حقوق الشعوب الأصلية في أرضها ومياهها ومحيطها الثقافي.

وفي ختام التقرير، دعت المفوضية السامية جميع الدول الأعضاء إلى تبني خارطة طريق ملزمة لإدماج الشعوب الأصلية في منظومة حقوق الإنسان الدولية، وإلغاء كل القوانين والسياسات التي تقيد مشاركتهم أو تنتقص من هويتهم. كما طالبت بتوسيع الدعم المالي والتقني للمبادرات التي تقودها المجتمعات الأصلية، وضمان أن يكون حضورهم في المنتديات الدولية حضورًا فعليًا لا شكليًا، يعكس إرادتهم الجمعية، وتطلعاتهم نحو العدالة والاستقلالية والكرامة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية